لماذا تلجأ الأقليات ( اللغوية والدينية والعرقية ) إلى ( الكراهية و العنصرية والاقصاء ) ؟
سيكولوجية الأقلية: حسب العديد من الدراسات التي قام بها علماء النفس أمثال موسكوفيشي و ليغ Moscovici and Lage 1976، فقد لاحظا أن أفكار العنصرية والكراهية وإقصاء ونكران وجود الأخر موجودة بكثرة عند الأقليات عكس الأغلبية التي تميل للإطمئنان بسبب كثرة عددها ، لكن الأقليات غالبا ما تتبنى ( عقلية التعصب والكراهية في خطابها ) ضد الأغلبية المحيطة بها .
يمكنك ايضا قراءة : كورسات جوجل والتخصصات التي يمكنك دراستها
وسموها الدوغماتية (أو التصلب بالرأي) (Dogmatism)
و يزداد مفعول الأقلية حين تظهر بأنها تقدم تضحيات شخصية أو مادية ذات قيمة، وغاية الأقليات من خلال هذا التعصب على افكار العنصرية والكراهية هو ” تغيير وجهات نظر الأغلبية لصالح ما يخدمها من الأفكار ” ( جعل الأغلبية ترى نفسها بنظرة إزدرائية ) .
ففي واحدة من التجارب، أصدر “موسكوفيشي و ليغ” تعليماتهما إلى أقلية مؤلفة من حليفين لوصف لون أزرق على أنه لون أخضر ( وهو رأي خاطئ ) لكن تفاجؤوا أن الأغلبية التي كانت في البداية تقول الصواب غيرت رأيها إلى رأي الأقلية الذي كان رأيها خاطئا ، فدلت النتائج على أن وجهات نظر الأغلبية تغيرت لأخذ بوجهات نظر الأقلية، و على أن هذا التأثير استمر في الظهور حتى بعد انسحاب الأقلية من التجربة و إعطاء الأغلبية لآرائهم في غياب الأقلية. و خلصا من خلال هذه التجربة أن ثبات الأقلية على رأيها الخاطئ ، جعلها تغير رأي الأغلبية الصائب لصالحها :
وملخص التجربة أن الأقليات أكثر ثبات وتمسك بأرائها حتى لو كانت آراء خاطئة للأسباب التالية .
1. زعزعة معيار الأغلبية، و خلق الشك و عدم اليقين.
2. جلب الانتباه إلى الأقلية ككيان اجتماعي قائم أحسن من كيان الأغلبية .
3. الكشف عن وجود وجهة نظر بديلة محددة المعالم حتى (غير وجهة النظر السائدة).
4. تقديم الدليل على وجود يقين و التزام لا يتزعزعان بوجهة نظر معينة ولو كانت خاطئة.
المهم أن تضل الأقلية متمسكة بها حتى تفرضها على الأغلبية ( فصوابها من خطئها لا يهم )
5. دفع الجماعة إلى الاعتقاد بأن الحل الوحيد للصراع القائم في وجهات النظر لديها هو الأخذ بوجهة نظر الأقلية وإلا ستقوم الأقلية بخلق أزمات تشويش مستمرة لا تنتهي إلا برضوخ الأغلبية لها .
وعن الأساليب التي تتبعها هذه الأقليات للبقاء متماسكة ضد الأغلبية المحيطة بها :
1. نشرها بين أتباعها لثقافة الخوف من الآخر والتشكك فيه واعتباره قابلاً للغدر في أي لحظة .
وأخذ الحيطة والحذر إلى أقصى حد ممكن ليس فقط في الأفعال ولكن حتى في الكلام .
2. توجد عند الأقلية رغبة شديدة لامتلاك ناصية القوة ( في كل المجالات .. العسكرية الاعلام الاقتصاد السياسية ) وعند استحواذها عليها فإنها لا ترحم الأغلبية إلا نادرا .. بل تزيد من قبضتها واحتكارها لهذه المجالات رغم قلة عددها مقارنة بالأغلبية … فالأقلية لا تؤمن بالديمقراطية والتداول على السلطة في هذه المجالات .
3. تقوم الأقليات بناءاً على مشاعر وأفكار المظلومية والاضطهاد والعزلة التي تنشرها في أتباعها وتغرسها في تفكيرهم ( أنهمم محقورون مظلومون مظطهدون ) حتى لو كانوا عكس ذلك ..
4. تقوم الأقليات بـ التعظيم الذي يصل إلى التقديس لأسماء بعض أفرادها ( لأناس من التاريخ أو من الحاضر )
وغالبا ما تختار أسماء أشخاص كانت لهم عداوة واضحة وصريحة مع الأغلبية ( اللغوية أو الدينية أو العرقية ) حتى تبقي تعصبها والحقد المتجدد داخل عقول أتباعها .
الأقليات و قابليتها للتعرض للخداع أمثلة فى الحاضر .
بحُكم “عددها” القليل، مقارنة بحجم السّاكنة، في منطقة أو بلد معيّن، تتميّز الأقليات و القوميات الهامشيّة بالتماسك و التضامن، يدفعها إلى ذلك شعورها المهيمن و الدائم بخطر”الابتلاع” و “الذوبان” في الأغلبية، يدفعها،عادة، إلى “الانغلاق” ثقافـيا و سياسيا و أحيانا “اقتصاديا”، و هذا ما يفسّر وجود “أنظمة اجتماعية” تقليديّة وموازية لنظام “الدولة”، يلبّي لديها حاجة “الخوف” من الآخر و ينمّي حالة “التوتّر” و يدفع بها إلى “الاعتزال” و بالتالي إلى تبنّي “خطاب العزلة” المدجّج بصراخات التّهميش و الظلم و الاحتقار.
اقرأ ايضا:
الفتاة “هالة” التى رفضت نزع الحجاب
و هي “مجتمعات” مرتابة و عدائية بحكم تنامي شعورها بـ “التهديد المشترك” و”الحاجة” إلى “الأمان” خصوصا إذا تعلّق الأمر بعدم وجود “نظام ديمقراطي” و سيادة “دولة عادلة” و ضامنة لحقوق الأفراد و الجماعات.
و هي جماعات تؤمن بعلاقة “القوّة”،لا بقوّة “العلاقة”، التي غالبا ما تنشا على أرضية “مصالح ” ظرفية” لا ” إستراتيجية”. و هذا ما يجعلها “الحلقة الأضعف” في صراع الاستقطابات الاستعمارية (علاقة اليهود العنصريين بالامبريالية الغربية، كمثال صارخ).
و هي “غنيمة سهلة” بالنسبة لإغراءات خطاب الاستقطاب ( تهريب الفلاشا من إثيوبيا إلى جنّة الكيان الصّهيوني). و هي، للأسف، نقطة ضَعف “الدولة الوطنية” في مواجهة ” الامبريالية الجديدة “ّ.
سيكون من سوء حظ هذه الأقليات الثقافية و العرقية أن تقع تحت رحمة “انتليجانسيا خائنة” أو “مستلبة” ثقافيا أو “مرتهنة إيديولوجيا” أو لديها “طموحات سياسية” غير محسوبة.(انقسام حركة جنوب السودان الانفصالية على نفسها و دخولها جحيم الانقسامات في أولى سنوات العسل الاستقلالي).
ثمّة صراع “الانتماء” داخل هذه الأقليات: فالمرتابون في انتمائهم الثقافي أو العرقي سيحاولون “استظهار” “أحقيتهم” بشرف الانتماء بميلهم الشديد إلى “التطرّف” و “رفع مؤشر” الخطاب المتطرّف إلى مستوى العنف (و هذا ما تقوم به القوى الصّهيونية المدنيّة المتطرفة داخل الكيان الصهيوني، لدفع الوضع نحو التأزّم و العنف لكسب المزيد من “الأنصار”، عكس القوى العسكرية التي تعرف بعض الهدوء على الجبهة العسكرية).
دراسة سيكولوجية الأقليات جديرة بطرح الكثير من الأسئلة و بالتالي فهم “آلية اشتغالها” و تفكيك “هواجسها” الوجوديّة، يعدّ من المهامّ الحيويّة للدولة.
tribus algériennes /رصد برس
Site webmaster, Web developer, Seo specialist. You can contact me using links below