ثقافة

معاناة اللادينيين في الدول و المجتمعات الدينية (الإسلامية بصورة خاصة)

مع انتشار خطاب ديني متطرف في العالم العربي إثر ثورات الربيع العربي، بدأ بعض الشباب العربي في إعلان عدم إيمانهم صراحة والتعبير عن اختلافهم مع الخطاب الديني السائد ورفضهم له، هؤلاء الأشخاص، الذين يسمون “اللادينيين”، يعانون كثيرا في هذه المجتمعات، خاصة إذا كانت المجتمعات تسيطر عليها ديانة واحدة مثل الإسلام.

وقد أثار هذا الاتجاه نقاشا حاداً في المنطقة العربية، ولا سيما على شبكات التواصل الاجتماعي، وكسر حاجزاً ظل يُنظر إليه باعتباره من “التابوهات ” المحرم الحديث فيها على مدار العقود السابقة.

المجتمع والضغط الاجتماعي

في المجتمعات الإسلامية، الدين لا يُعتبر مسألة شخصية فقط، بل هو هوية جماعية. الشخص الذي يخرج عن الدين يُنظر إليه كخائن للمجتمع وكأنه تهديد للانسجام الاجتماعي. اللادينيون يواجهون أشكالًا متعددة من الضغط الاجتماعي، منها:

  • النبذ العائلي: عندما يعلن شخص ما عن لادينيته أو يُكتشف أمره، قد يتعرض للطرد من المنزل أو النبذ من قبل عائلته وأقاربه. في بعض الحالات، قد يُمنع حتى من رؤية أسرته أو التواصل معها.
  • الوصم الاجتماعي: المجتمع ينظر إلى اللادينيين كأشخاص غير أخلاقيين أو منحرفين. هذه النظرة تجعل من الصعب جدًا على اللاديني أن يندمج في المجتمع أو يشارك في الأنشطة العامة دون التعرض للتنمر أو المضايقات.
  • صعوبة بناء العلاقات: الزواج والعلاقات الشخصية تعتمد بشكل كبير على الدين في هذه المجتمعات. لذلك، يجد اللادينيون صعوبة كبيرة في إيجاد شريك حياة يقبلهم كما هم. في بعض الحالات، حتى الأصدقاء قد يبتعدون عنهم خوفًا من أن يُعتبروا متعاطفين معهم.
تابع أيضا  من أين جاء الزّواف؟ ما هو موطنهم الأصلي؟ و ما هي ديانتهم؟ و هل فرنسا كانت على دراية بهم؟

هل منتقدو الدين والمجاهرون بالإلحاد في مأمن؟

الجواب بالنفي، فقد سُجن العديد من الأشخاص في جميع أنحاء العالم العربي لقيامهم بذلك. وذكرت تقارير إعلامية أن شابا سعوديا في العشرينات من عمره قد حُكم عليه بالإعدام بعد أن نشر مقطع فيديو لنفسه يمزق نسخة من القرآن الكريم.

وفي فبراير/ شباط عام 2015، حكمت محكمة سعودية على رجل بالإعدام “لنبذه دينه الإسلامي”، وفقا لصحيفة “سعودي غازيت”.

وفى عام 2014، حكمت محكمة مصرية على طالب يُدعى كريم أشرف محمد البنا بالحبس ثلاث سنوات بتهمة “ازدراء الأديان وترديده عبارات من شأنها تحقير الذات الإلهية”، بعد أن نشر بعض تعليقات على فيسبوك. وقد وصفت “هيومان رايتس ووتش” حبسه بأنه “جزء من حملة حكومية لمكافحة الإلحاد وأي شكل من أشكال المعارضة”.

وفى يناير/ كانون الثاني عام 2015، توجه المصري أحمد حرقان، الذي كان قد أعلن عن آرائه الإلحادية في إحدى القنوات التلفزيونية، إلى قسم شرطة في الإسكندرية ليقدم بلاغا ضد عدد من الأشخاص متهما إياهم بالتعدي عليه هو وزوجته أثناء سيرهما في الشارع بسبب معتقداته.

العنف ضد اللادينيين

بجانب الضغط الاجتماعي والقانوني، يتعرض اللادينيون للعنف الجسدي في بعض الأحيان. هذا العنف قد يأتي من:

  • العائلة: في بعض الحالات، العائلة نفسها قد تلجأ إلى العنف ضد أفرادها اللادينيين، إما لإجبارهم على العودة إلى الدين أو للتخلص مما يرونه عارًا على الأسرة.
  • المجتمع: بعض الجماعات المتطرفة في المجتمع قد تستهدف اللادينيين بالعنف الجسدي أو التهديدات المستمرة. حتى إذا لم يحدث عنف مباشر، فإن التهديد وحده يخلق جوًا من الخوف المستمر.
تابع أيضا  قراءة غير مسبوقة في أصل قبيلة "الزواوة" و جذورها الأوروبية .

رد فعل الدولة والمؤسسات الدينية

وأثار موضوع الإلحاد نقاشاً على محطات التلفزيون العربية في الآونة الأخيرة، واستضافت بعض البرامج لأول مرة ملحدين جنبا إلى جنب مع رجال دين مسلمين.

وعادة ما يسأل المذيع الملحدين عن أسباب تخليهم عن الإسلام في حين يُرجع الوعاظ السبب إلى مشاكل شخصية أو إلى المراهقة.

كما أجرت بعض البرامج الأخرى مناظرات بين كلا الطرفين.

وتصف وسائل إعلام مصرية أحيانا جهود الدولة والمؤسسات الدينية لمكافحة هذا الاتجاه باسم “الحرب على الإلحاد” !!!

وتقول دار الإفتاء المصرية إن “مواقع التواصل الاجتماعي وفرت لهؤلاء الشباب المغرر بهم مساحات كبيرة من الحرية أكثر أماناً للتعبير عن آرائهم ووجهة نظرهم في رفض الدين”.

بقلم: بوحرود هارون

‫3 تعليقات

  1. قريبا لن يبقى هناك من يصدق خزعبلات الاديان في ظل العولمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

بنك التقنية موقع تحميل العاب و تطبيقات